هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالرئيسية  بوابتيبوابتي  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 المدخل إلى دراسة العقيدة الإسلامية

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
هدي السلف
مشرف مميّز
مشرف مميّز
هدي السلف


عدد المساهمات : 199

نقاط المساهمات : 5043

حصيلة الإعجابات : 19

تاريخ التسجيل : 23/01/2012


المدخل إلى دراسة العقيدة الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: المدخل إلى دراسة العقيدة الإسلامية   المدخل إلى دراسة العقيدة الإسلامية Emptyالثلاثاء 24 يناير 2012, 16:53

المدخل إلى دراسة العقيدة الإسلامية Images?q=tbn:ANd9GcTo2gAJ-EA7GLo9uthduZ1xxTkeHjlCcicSNEEb9NslzbkCBrna


العقيدة الإسلامية


إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا . من
يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن
محمدًا عبده ورسوله . أما بعد


فإن أشرف العلوم على الإطلاق، العلم بالله. لأن شرف العلم مبني على شرف المعلوم، والله تعالى
أشرف معلوم، فالعلم به، إذًا، أشرف العلوم. وهو أفضل ما أدركته العقول، وانطوت عليه القلوب.
وتحصيل هذا العلم الشريف من أوجب الواجبات، وأهم المهمات، ولهذا أمر الله به قبل القول والعمل،


. ( فقال: (َفاعَْلمْ َأنَّهُ لا ِإَلهَ ِإلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لذنِْبكَ وَلِلْمُؤْمِِنينَ وَاْلمُؤْمِنَاتِ)(محمد: من الآية 19

قال ابن أبي العز الحنفي، رحمه الله، في مقدمة شرحه للعقيدة الطحاوية: (وهو الفقه الأكبر بالنسبة إلى
فقه الفروع. ولهذا سمى الإمام أبو حنيفة، رحمه الله، ما قاله وجمعه في أوراق من أصول الدين " الفقه
الأكبر". وحاجة العباد إليه فوق كل حاجة، وضرورﺗﻬم إليه فوق كل ضرورة، لأنه لا حياة للقلوب، ولا
نعيم، ولا طمأنينة، إلا أن تعرف رﺑﻬا، ومعبودها، وفاطرها، بأسمائه، وصفاته، وأفعاله، ويكون مع ذلك
كله أحب إليها مما سواه، ويكون سعيها فيما يقرﺑﻬا إليه، دون غيره من سائر خلقه) .

أهمية دراسة العقيدة:

تظهر أهمية دراسة العقيدة الإسلامية من خلال الأمور التالية:

أولا
:أن العقيدة أصل الدين، وأساس دعوة المرسلين. قال تعالى: (وَمَا َأرْسَْلنَا مِنْ َقبْلِكَ مِنْ رَسُو ٍ ل ِإلَّا نُوحِي
. ( ِإَليْهِ َأنَّهُ لا ِإَلهَ ِإلَّا َأنَا َفاعْبُدُونِ) (الانبياء: 25

ثانيا
:أن العقيدة الصحيحة شرط لصحة الأعمال وقبولها.قال تعالى(بََلى مَنْ َأسَْلمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ َفَلهُ

.( َأجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عََليْ ِ همْ وَلا هُمْ يَحْزَنُو َ ن)(البقرة: 112
وفسادها سبب لردها في الدنيا، وحبوطها في الآخرة .قال تعالى: (وَمَا مَنَعَهُمْ َأ ْ ن تُقْبَ َ ل مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ ِإلَّا َأنَّهُمْ
َ كَفرُوا ِباللَّهِ وَِبرَسُولِهِ)(التوبة: من الآية 54 )، وقال: (وََقدِمْنَا ِإَلى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَ ٍ ل َفجَعَْلنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا)
. ( (الفرقان: 23

ثالثا
:أن العقيدة الصحيحة سبب لسعادة الدنيا والآخرة . قال تعالى: (مَنْ عَمِ َ ل صَالِحًا مِنْ َذ َ كٍر َأوْ ُأنَْثى

وَهُوَ مُؤْمِنٌ َفَلنُحِْييَنَّهُ حَيَاًة َ طيِّبًَة وََلنَجِْزيَنَّهُمْ َأجْرَهُمْ ِبَأحْسَ ِ ن مَا َ كانُوا يَعْمَُلو َ ن) (النحل: 97 ) . كما أن
الإعراض عنها سبب للشقاء في الدنيا والآخرة . قال تعالى: (وَمَنْ َأعْرَضَ عَنْ ذِ ْ كِري َفِإنَّ َلهُ مَعِيشًَة ضَنْكًا
. ( وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ َأعْمَى) (طه: 124

رابعا
:أن العقيدة الصحيحة عصمة للدم والمال، وفسادها يوجب إهدارهما . قال صلى الله عليه وسلمSadأمرت

أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا
فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحق الإسلام، وحساﺑﻬم على الله) متفق عليه .

خامسا:أن العقيدة الصحيحة شرط لحصول النصر والتمكين للأمة، وتحقيق الأمن الاجتماعي . قال تعالى:

(وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْ ُ كمْ وَعَمُِلوا الصَّالِحَاتِ َليَسْتَخْلَِفنَّهُمْ فِي الَْأرْ ِ ض َ كمَا اسْتَخَْلفَ الَّذِينَ مِنْ َقبْلِ ِ همْ
وََليُمَكِّنَنَّ َلهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى َلهُمْ وََليُبَدَِّلنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِ ِ همْ َأمْنًا يَعْبُدُونَِني لا يُشْرِ ُ كو َ ن ِبي شَيْئًا وَمَنْ
. ( َ كَفرَ بَعْدَ َذلِكَ فَُأوَلئِكَ هُمُ الَْفاسُِقو َ ن) (النور: 55

سادسا:أن العقيدة الصحيحة تحرر العقل من الشبهات الفاسدة، والخرافات السخيفة، قال تعالى: (يَا َأيُّهَا النَّاسُ
َقدْ جَاءَ ُ كمْ بُرْهَا ٌ ن مِنْ رَبِّ ُ كمْ وََأنْزَْلنَا ِإَليْ ُ كمْ نُورًا مُِبينًا) (النساء: 174 )، وتمنحه القناعة التامة، والاطراد
العقلي، السالم من التناقض والخلل، قال تعالى: (َأَفلا يَتَدَبَّرُو ن اْلُقرْآن وََلوْ كَان مِنْ عِنْدِ َ غيِْر اللَّهِ َلوَجَدُوا فِيهِ
اخْتِلافًا كَثِيرًا) (النساء: 82 ) .

وفقدان هذه العقيدة يورث القلق والحيرة، كما عبر عن ذلك أحد الشعراء

الضالين، فقال:
جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت!! ولقد أبصرت قدامي طريقًا فمشيت
وسأبقى سائرًا إن شئت هذا أم أبيت
أ صحيح أن بعد الموت بعث ونشور؟ فحياة، فخلود، أم فناء، فدثور؟!
أ كلام الناس صدق، أم كلام الناس زور؟
أ صحيح أن بعض الناس يدري؟؟ لست أدري ! ولماذا لست أدري؟
لست أدري !!!

أما المؤمن فإنه يدري من أين جاء، وإلى أين يسير، وكيف يسير، وما مصير المسير. وقلبه، في أثناء
ذلك، بالإيمان معمور، وبالسعادة مغمور. قال بعض الصالحين: (إنه ليمر بي الأوقات أقول: إن كان أهل
الجنة في مثل هذا، إﻧﻬم لفي عيش طيب).
قال تعالىSadيَا َأيُّهَا النَّاسُ َقدْ جَاءَتْ ُ كمْ مَوْعِ َ ظٌة مِنْ رَبِّ ُ كمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُو ِ ر وَهُدىً وَرَحْمٌَة لِْلمُؤْمِِنينَ)
. ( (يونس: 57

مقدمات في علم العقيدة والتوحيد

: مبادئ ومصادر وخصائص علم العقيدة والتوحيد مع نبذة تاريخية
1: مبادئ علم العقيدة والتوحيد.
2: تاريخ عقيدة التوحيد.
3: تقسيم مسائل الدين إلى أصول وفروع.
4: خصائص العقيدة عند أهل السنة والجماعة.
5: مصادر العقيدة عند أهل السنة والجماعة .


: مبادئ علم العقيدة والتوحيد.


تعريف العقيدة لغةً


العقيدة في اللغة: من العقد؛ وهو الربط، والإبرام، والإحكام، والتوثق، والشد بقوة، والتماسك، والمراصة، والإثبات؛ ومنه اليقين والجزم. والعقد نقيض الحل، ويقال: عقده يعقده عقداً، ومنه عقدة اليمين والنكاح، قال الله تبارك وتعالى: لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ [المائدة: 89].
والعقيدة: الحكم الذي لا يقبل الشك فيه لدى معتقده، والعقيدة في الدين ما يقصد به الاعتقاد دون العمل؛ كعقيدة وجود الله وبعث الرسل. والجمع: عقائد وخلاصة ما عقد الإنسان عليه قلبه جازماً به؛ فهو عقيدة، سواء كان حقاً، أم باطلاً

تعريف العقيدة في الاصطلاح العام

العقيدة في الاصطلاح العام: هي الأمور التي يجب أن يصدق بها القلب، وتطمئن إليها النفس؛ حتى تكون يقيناً ثابتاً لا يمازجها ريب، ولا يخالطها شك. أي: الإيمان الجازم الذي لا يتطرق إليه شك لدى معتقده، ويجب أن يكون مطابقاً للواقع، لا يقبل شكاً ولا ظنا؛ فإن لم يصل العلم إلى درجة اليقين الجازم لا يسمى عقيدة.


العقيدة الإسلامية: هي الإيمان الجازم بربوبية الله تعالى وألوهيته وأسمائه وصفاته، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، وسائر ما ثبت من أمور الغيب، وأصول الدين، وما أجمع عليه السلف الصالح، والتسليم التام لله تعالى في الأمر، والحكم، والطاعة، والاتباع لرسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
والعقيدة الإسلامية: إذا أطلقت فهي عقيدة أهل السنة والجماعة؛ لأنها هي الإسلام الذي ارتضاه الله ديناً لعباده، وهي عقيدة القرون الثلاثة المفضلة من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان

تعريف التوحيد لغة واصطلاحا

التوحيد في اللغة: مشتق من وحد الشيء إذا جعله واحداً، فهو مصدر وحد يوحد، أي: جعل الشيء واحداً.
وفي الشرع: إفراد الله - سبحانه - بما يختص به من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: ليس التوحيد مجرد إقرار العبد بأنه: لا خالق إلا الله، وأن الله رب كل شيء ومليكه، كما كان عباد الأصنام مقرين بذلك وهم مشركون، بل التوحيد يتضمن من محبة الله، والخضوع له، والذل له، وكمال الانقياد لطاعته، وإخلاص العبادة له، وإرادة وجهه الأعلى بجميع الأقوال والأعمال، والمنع والعطاء، والحب والبغض، ما يحول بين صاحبه وبين الأسباب الداعية إلى المعاصي والإصرار عليها، ومن عرف هذا عرف قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله)) ... وما جاء من هذا الضرب من الأحاديث، التي أشكلت على كثير من الناس، حتى ظنها بعضهم منسوخة! وظنها بعضهم قيلت قبل ورود الأوامر والنواهي واستقرار الشرع، وحملها بعضهم على نار المشركين والكفار، وأول بعضهم الدخول بالخلود وقال: المعنى لا يدخلها خالداً، ونحو ذلك من التأويلات المستكرهة.

فإن الشارع صلوات الله وسلامه عليه لم يجعل ذلك حاصلاً بمجرد قول اللسان فقط، فإن هذا خلاف المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام، لأن المنافقين يقولونها بألسنتهم، وهم تحت الجاحدين لها في الدرك الأسفل من النار.

بل لا بد من قول القلب، وقول اللسان.
وقول القلب: يتضمن من معرفتها والتصديق بها، ومعرفة حقيقة ما تضمنته من النفي والإثبات، ومعرفة حقيقة الإلهية المنفية عن غير الله، المختصة به، التي يستحيل ثبوتها لغيره، وقيام هذا المعنى بالقلب علماً ومعرفة ويقيناً وحالاً: ما يوجب تحريم قائلها على النار.
وتأمل حديث البطاقة التي توضع في كفة، ويقابلها تسعة وتسعون سجلاً، كل سجل منها مد البصر، فتثقل البطاقة وتطيش السجلات، فلا يعذب صاحبها ومعلوم أن كل موحد له مثل هذه البطاقة،... ولكن السر الذي ثقل بطاقة ذلك الرجل هو أنه حصل له ما لم يحصل لغيره من أرباب البطاقات.
وتأمل أيضاً ما قام بقلب قاتل المائة من حقائق الإيمان التي لم تشغله عند السياق – الموت - عن السير إلى القرية فجعل ينوء بصدره، ويعالج سكرات الموت، لأن ذلك كان أمراً آخر، وإيماناً آخر ولذلك ألحق بأهل القرية الصالحة. وقريب من هذا ما قام بقلب البغي التي رأت ذلك الكلب وقد اشتد به العطش، يأكل الثرى فقام بقلبها ذلك الوقت مع عدم الآلة، وعدم المعين، وعدم من ترائيه بعملها ما حملها على أن غررت بنفسها في نزول البئر وملء الماء في خفها، ولم تعبأ بتعرضها للتلف وحملها خفها بفيها وهو ملآن حتى أمكنها الرقي من البئر، ثم تواضعها لهذا المخلوق الذي جرت عادة الناس بضربه، فأمسكت له الخف بيدها حتى شرب من غير أن ترجو منه جزاء ولا شكوراً. فأحرقت أنوار هذا القدر من التوحيد ما تقدم منها من البغاء فغفر لها .
وقد ورد في صحيح مسلم قوله صلى الله عليه وسلم ((من قال: لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه وحسابه على الله))

العلاقة بين التوحيد والعقيدة


علم العقيدة وعلم التوحيد مترادفان عند أهل السنة، وإنما سمي علم التوحيد بعلم العقيدة بناء على الثمرة المرجوة منه، وهي انعقاد القلب انعقادا جازما لا يقبل الانفكاك
وقد يفرق بينهما اصطلاحا باعتبار أن علم التوحيد هو العلم الذي يقتدر به على إثبات العقائد الدينية بالأدلة المرضية، وأن علم العقيدة يزيد عليه برد الشبهات وقوادح الأدلة الخلافية، فيجتمعان في معرفة الحق بدليله، وتكون العقيدة أعم موضوعا من التوحيد لأنها تقرر الحق بدليله وترد الشبهات وقوادح الأدلة وتناقش الديانات والفرق، وقد جرى السلف على تسمية كتبهم في التوحيد والإيمان بكتب العقيدة، كما فعل أبو عثمان الصابوني رحمه الله في كتابه (عقيدة السلف أصحاب الحديث) والإمام اللالكائي رحمه الله في (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة)

علاقة العقيدة بالعقل والفطرة:
، إن العقيدة الإسلامية لا تتعارض مع العقل الصريح السالم من
الشبهات والشهوات، وإن كان العقل لا يستقل بإثبات جميع مفردات العقيدة، لكنه لا يُحيلها، بخلاف
العقائد الباطلة ؛ فإن العقل الصريح يأباها، ويرفضها، كدعوى أهل التثليث من النصارى أﻧﻬم موحدون،
وقولهم: (وحدة في تثليث، وتثليث في وحدة) !!!

قال شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله: (كل ما يدل عليه الكتاب والسنة فإنه موافق لصريح المعقول،
80 ، وقال عن العقل: (إن اتصل به نور / وإن العقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح)مجموع الفتاوى: 12
الإيمان والقرءان، كان كنور العين، إذا اتصل به نور الشمس والنار . وإن انفرد بنفسه لم يبصر الأمور التي
339 . ولهذا جاء الحث في القرءان على التدبر، والتعقل، / يعجز وحده عن دركها) مجموع الفتاوى: 3
والنظر، والثناء على أولي الألباب، وذم الغافلين .

كما أن العقيدة الإسلامية موافقة للفطرة الأصلية، المغروسة في الضمير من غير سبق تفكير أو تعليم،
قال تعالى: (َفَأقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّي ِ ن حَِنيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي َف َ طرَ النَّاسَ عََليْهَا لا تَبْدِي َ ل لِخَلْ ِ ق اللَّهِ َذلِكَ الدِّينُ الَْقيِّمُ
وََلكِنَّ َأكَْثرَ النَّا ِ س لا يَعْلَمُو َ ن) (الروم: 30 ). وقال صلى الله عليه وسلمSadكل مولود يولد على الفطرة،
فأبواه يهودانه، وينصرانه، ويمجسانه) متفق عليه
.

وهذه العقيدة الصحيحة، المبنية على النص والدليل، الموافقة للعقل والفطرة، هي عقيدة " أهل السنة
والجماعة "، التي عليها الصحابة، والتابعون، وتابعوهم بإحسان، إلى يومنا هذا، إلى قيام الساعة . تكفل الله
بحفظها، وقيض لها من يدعو إليها، ويذِبُّ عنها، ويجدد ما اندرس منها، مصداقًا لقوله تعالى: (ِإنَّا نَحْنُ نَزَّْلنَا
. ( الذِّكْرَ وَِإنَّا َلهُ َلحَافِ ُ ظو َ ن) (الحجر: 9

أسماء علم العقيدة والتوحيد عند أهل السنة والجماعة

أسماؤها:
يسمى هذا العلم الشريف، لدى السلف، بأسماء متعددة، منها:
العقيدة، أو الاعتقاد: والعقد لغًة: الربط والجزم. واصطلاحًا: حكم الذهن الجازم . وأصله مأخوذ من
عََقد الحبل إذا ربطه، ثم استعمل في عقيدة القلب وتصميمه الجازم.

ومن شواهد هذه التسمية في مصنفات

السلف:
. (371- - اعتقاد أهل السنة . لأبي بكر الإسماعيلي ( 277
. (458- - الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد . للبيهقي ( 384
. (620- - لمعة الاعتقاد . لموفق الدين ابن قدامة ( 541



مرت كلمة عقيدة بثلاث مراحل
:

المرحلة الأولى: وهي دور الموسوعية في المعنى وعدم الاختصاص، وهو المعنى اللغوي، فهي في اللغة تطلق ويراد بها:
العزم المؤكد – الجمع – النية – التوثيق للعقود – ما يدين به الإنسان سواء كان حقا أو باطلا.
المرحلة الثانية: وهي دور الفعل القلبي، وفيه تبرز العقيدة كمعنى يقوم بقلب العبد، وهو أخص من المرحلة قبله، ويعبر عنه بالمعنى المصدري وهو بهذا الاعتبار: الإيمان الذي لا يحتمل النقيض..........
المرحلة الثالثة: وهي الدور الذي نضجت فيه العقيدة، وأصبحت علما ولقبا على قضايا معينة، وهو دور الاستقرار وهو المعبر عنه: العلم بالأحكام الشرعية العقدية المكتسب من الأدلة اليقينية ورد الشبهات وقوادح الأدلة الخلافية.

لمعة الاعتقاد . لموفق الدين ابن قدامة ( 541

السنة: وهي لغًة: السيرة والطريقة. واصطلاحًا: ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من
الاعتقادات، والأقوال، والأعمال. ثم اختصت عند السلف المتقدمين بالاعتقادات، السالمة من البدع
والشبهات.


ومن شواهد هذه التسمية في مصنفاﺗﻬم:


.( - كتاب السنة . لأبي بكر الأثرم ( ت 273
.(290- - كتاب السنة . لعبدالله بن الإمام أحمد بن حنبل ( 213
.(349- - كتاب السنة . لأبي أحمد الاصبهاني العسال ( 269

تعدد معناها بحسب الاصطلاحات، فكل أهل علم إسلامي اصطلحوا على دلالة متناسبة وطبيعة هذه العلوم.
فعلماء الحديث السنة عندهم: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو وصف.
وعند علماء أصول الفقه: هي ما أمر به الشارع لا على سبيل الإلزام........
وعند علماء الفقه: هو ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه
.

وعند علماء العقيدة الصحيحة ملحوظة فيها أن السنة من مصادر التلقي للعقيدة الصحيحة وطريق من طرق إثباتها. ولذا جعل بعض السلف السنة هي الاتباع، وجعلها بعضهم الإسلام، والقولان غير متنافرين ولا متعارضين لأن الإسلام هو تعبير عن العقيدة الصحيحة، والاتباع يعبر عن طريق التلقي ومنهجه.
فصار معنى السنة هو اتباع العقيدة الصحيحة الثابتة بالكتاب والسنة وممن استعمل هذا اللفظ في هذا المعنى الإمام أحمد بن حنبل في كتابه (السنة) فقد ضمنه العقيدة الصحيحة الثابتة بنقل العدول عن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وكذا فعل عبد الله بن الإمام أحمد في كتابه (السنة) ومنه أيضا كتاب (السنة) لابن أبي عاصم.

الإيمان: وهو لغًة: التصديق. واصطلاحًا: التصديق القلبي بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم
الآخر، والقدر خيره وشره. هكذا عرفه النبي صلى الله عليه وسلم، بعد أن عرَّف الإسلام بالأعمال الظاهرة
. وعند الإطلاق: قول باللسان، واعتقاد بالجنان، وعمل بالأركان.

ومن شواهد هذه التسمية:


. (241- - كتاب الإيمان. للإمام أحمد بن حنبل ( 164
. (235- - كتاب الإيمان. لأبي بكر بن أبي شيبة ( 195
. (395- - كتاب الإيمان. لمحمد بن إسحاق بن منده ( 310
- (كتاب الإيمان ومعالمه وسننه واستكمال درجاته) للإمام أبي عبيد القاسم ابن سلام البغدادي رحمه الله.

الأصول: الأصل لغًة: ما يبنى عليه غيره، كأصل الجدار، وأصل الشجرة. واصطلاحًا: الاعتقادات
العلمية التي تبنى عليها العبادات العملية.
ومن شواهد التصنيف ﺑﻬذه التسمية:
. ( - شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة .لأبي القاسم اللالكائي (ت 418
. (429- - كتاب الأصول . لأبي عمرو الطلمنكي ( 340
.(449- - الفصول في أصول الدين. لأبي عثمان الصابوني ( 373

[right][center]
التوحيد: لغًة: جعل الشيء واحدًا. واصطلاحًا: اعتقاد وحدانية الله تعالى في ذاته، وصفاته، وأفعاله،
ليس كمثله شيء، وإفراده بالعبادة.

وقد مرت كلمة توحيد بنفس الأدوار التي مرت بها كلمة عقيدة، فهي في الدور اللغوي مشتقة من وحد يوحد توحيدا فهي مصدر للفعل وحد بمعنى جعله واحدا ثم نقل عن هذا المعنى إلى معنى الفرد المتميز عن غيره، لأن كون الله واحدا ليس بجعل جاعل، وعلى هذا فالواحد هو المنفرد بخصائصه عما سواه. ومن هذا المعنى قولهم: واحد زمانه أي: فردا فيه إما علما أو عقلا وكرما ونحو ذلك.
وفي الدور المصدري أو اعتباره فعلا من أفعال القلب: هو إفراد الله بالربوبية والألوهية والأسماء والصفات والأفعال.
وفي الدور الأخير وهو دور الاستقلال صارت فيه كلمة التوحيد تدل على العلم المسمى بها وهي بهذا الاعتبار: العلم الذي يقتدر به على إثبات العقائد الدينية بالأدلة اليقينية.
ومن المؤلفات في العقيدة والتي حملت اسم التوحيد:
ومن ذلك: كتاب (التوحيد في الجامع الصحيح) للبخاري، (ت: 256هـ) وكتاب (التوحيد وإثبات صفات الرب) لابن خزيمة (ت: 311هـ). وكتاب (اعتقاد التوحيد) لأبي عبدالله محمد بن خفيف(ت: 371هـ). وكتاب (التوحيد) لابن منده (ت: 359هـ). وكتاب (التوحيد) للإمام محمد بن عبدالوهاب (ت: 1115هـ).

الشريعة

أطلقت الشريعة وبإطلاق أخص كما قال ابن تيمية رحمه الله على: (العقائد التي يعتقدها أهل السنة من الإيمان، مثل اعتقادهم أن الإيمان قول وعمل، وأن الله موصوف بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن القرآن كلام الله غير مخلوق.....إلخ) .
والشريعة هنا كالسنة، فقد يراد بها ما سنه الله وشرعه من العقائد، وقد يراد بها ما سنه وشرعه من العمل، وقد يراد بها كلاهما.
وقد ألف بعض العلماء كتباً في الاعتقاد تحمل اسم الشريعة، ومن أولها: (الشريعة) لأبي بكر الآجري رحمه الله. و(الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة) لابن بطة الحنبلي رحمه الله.


الفقه الأكبر



الفقه في اللغة هو الفهم، وأضيف إلى الأكبر لإخراج الفقه وهو علم الحلال والحرام وعلم الفروع، وهو اصطلاح عرف في القرن الثاني الهجري حيث سمى الإمام أبو حنيفة النعمان بن زوطى كتابه الذي جمع فيه جملة اعتقادات السلف (الفقه الأكبر) إشارة إلى أنه أعظم ما في شريعة الإسلام ولا يتحقق هذا اللقب إلا على علم العقيدة.


أسماء علم العقيدة والتوحيد عند غير أهل السنة والجماعة


ويطلق بعض الناس مسميات باطلة على هذا العلم الشريف، مثل:

علم الكلام .: الفلسفة.
ا: التصوف .: الإلهيات .: ما وراء الطبيعة
التصور الإسلامي: .الفكر الإسلامي الأيديولوجية الإسلامية

الفلسفة: وهي كلمة يونانية، مركبة من مقطعين: (فيلو) أي محبة، و (صوفيا) أي حكمة. فالفلسفة
عبارة عن محاولات بشرية للوصول إلى الحقيقة، عن طريق التأمل العقلي، دون الاهتداء بالوحي المنزل على
الأنبياء.
يطلق علم الفلسفة على علم العقيدة عند الفلاسفة ومن سلك سبيلهم، وهو إطلاق لا يجوز في العقيدة لأن الفلسفة مبناها على الأوهام والعقليات الخيالية، والتصورات الخرافية عن أمور الغيب المحجوبة.

علم الكلام: هو محاولة إثبات العقائد الدينية، بالطرق العقلية، القائمة على المنطق الأرسطي نسبة
إلى الفيلسوف اليوناني (أرسطو) وليس بالأدلة الشرعية.
هو علم يقتدر به على المخاصمة في العقائد والمناظرة فيها بإيراد الحجج والشبه ودفع إيرادات الخصوم فهو باختصار علم الجدل العقدي المذموم شرعا فهو مراء متعلق بإظهار المذاهب والانتصار لها.
الفرق بين علم التوحيد وعلم الكلام
ويتبين من الأمور التالية:
- علم التوحيد يعتمد على الكتاب والسنة وإجماع السلف والمعقول الصحيح المستند إليها.
أما علم الكلام فهو علم يعتمد على الألفاظ المنطقية والأقيسة الكلامية فهو متأثر بعوامل خارجية عن دلالة الكتاب والسنة.
- علم التوحيد علم شرعي لا بدعة فيه وعلم الكلام علم مبتدع لم يعرفه الرسول صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة ولا التابعين ولا تابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
- علم التوحيد لا يشتمل على أي لفظ بدعي ولا مصطلح فلسفي أما علم الكلام فإنه يشتمل على كثير من الألفاظ البدعية والمصطلحات المنطقية والآراء الفلسفية.
- أصل علم التوحيد موجود في العصور المفضلة القرون الثلاثة وأما علم الكلام فليس كذلك بل هو علم حادث نتيجة مؤثرات خارجية بسبب ترجمة كتب المنطق والفلسفة.
- آثار علم التوحيد محمودة وأما آثار علم الكلام فهي مذمومة.
- إن علم التوحيد أداة للمحق على المبطل وذلك بإظهاره لباطله وأما علم الكلام فهو أداة للمحق والمبطل وهو إلى المبطل أقرب.
وإطلاق علم الكلام يعرف عند سائر الفرق المتكلمة، كالمعتزلة والأشاعرة، ومن يسلك سبيلهم، وهو لا يجوز لأن علم الكلام حادث مبتدع، ويقوم على التقول على الله بغير علم، ويخالف منهج السلف في تقرير العقائد.
من ذلك: (شرح المقاصد في علم الكلام) للتفتازاني (ت:791هـ)

وقد ذم السلف علم الكلام، حتى قال الإمام أحمدSadلا يفلح صاحب كلام أبدًا)، وقال الشافعي: (حكمي
في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال، ويطاف ﺑﻬم في العشائر والقبائل، ويقال: هذا جزاء من ترك
الكتاب والسنة، وأقبل على علم الكلام). فهو علم دخيل على الأمة الإسلامية، أدى إلى وقوع كثير من
الخلل والانحراف لدى المشتغلين به، فأفنوا أعمارهم، وضيعوا أوقاﺗﻬم، ولم يظفروا إلا بالندم . وقد عبر عن
ذلك أحد أساطينهم، فقال:

ﻧﻬاية إقدام العقول عقال وأكثر سعي العالمين ضلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا وغاية دنيانا أذىً ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا

لقد تأملت الطرق الكلامية، والمناهج الفلسفية، فما رأيتها تشفي علي ً لا، ولا تروي غلي ً لا،ورأيت أقرب
الطرق طريقة القرءان...ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي

الفكر الإسلامي: العقيدة الإسلامية ليست فكرًا، بل هي وحي يوحى . والفكر نتاج عقول
البشر،يحتمل الصواب والخطأ،ويخضع للنقاش والنقد، لكونه غير معصوم .
التصور الإسلامي: التصور، أيضًا، مبناه على الفكر والخيال، القابل للخطأ، بخلاف العقيدة المحفوظة
المعصومة من الزيغ والضلال.
الأيديولوجية الإسلامية: وهي بمعنى الفكرة الإسلامية، أيضًا. وإلى جانب ذلك هي كلمة أجنبية لا
يليق أن تضاف إلى الإسلام، أو يستعاض ﺑﻬا عن الألفاظ الشرعية.
التصوف

تطلق كلمة تصوف على العقيدة عند بعض المتصوفة والفلاسفة، والمستشرقين ومن نحا نحوهم، وهو إطلاق مبتدع لأنه ينبني على اعتبار شطحات المتصوفة ومزاعمهم وخرافاتهم في العقيدة.
الإلهيات
وتطلق كلمة الإلهيات على العقيدة عند أهل الكلام والفلاسفة والمستشرقين وأتباعهم وغيرهم، وهو خطأ، لأن المقصود بها عندهم فلسفات الفلاسفة، وكلام المتكلمين والملاحدة فيما يتعلق بالله - تعالى -.

ما وراء الطبيعة

أو (الميتافيزيقيا) كما يسميها الفلاسفة والكتاب الغربيون ومن نحا نحوهم، وهي قريبة من معنى الإلهيات. ويطلق الناس على ما يؤمنون به ويعتنقونه من مبادئ وأفكار (عقائد) وإن كانت باطلة أو لا تستند إلى دليل عقلي ولا نقلي، فإن للعقيدة مفهوماً صحيحاً هو الحق، وهو عقيدة أهل السنة والجماعة المستمدة من الكتاب والسنة الثابتة، وإجماع السلف الصالح


موضوعات علم العقيدة


وموضوع علم التوحيد عند أهل السنة والجماعة يدور على أمور منها: بيان حقيقة الإيمان بالله تعالى وتوحيده، وما يجب له تعالى من صفات الجلال والكمال، مع إفراده وحده بالعبادة دون شريك، والإيمان بالملائكة الأبرار والرسل الأطهار، وما يتعلق باليوم الآخر والقضاء والقدر، كما يدور على ضد التوحيد وهو الشرك وهو الكفر وبيان حقيقتهما وأنواعهما، وقد يقال إن موضوع علم التوحيد يدور على محاور ثلاثة، وذلك على النحو التالي
:

1- ذات الله تعالى أو الإلهيات، والبحث في ذات الله تعالى من حيثيات ثلاث، ما يتصف به تعالى... وما يتنزه عنه... وحقه على عباده....
2- ذوات الرسل الكرام أو النبوات والبحث فيها من الحيثيات التالية: ما يلزم ويجب عليهم... ما يجوز في حقهم... ما يستحيل في حقهم... ما يجب على أتباعهم.
3- السمعيات أو الغيبيات: وهو ما يتوقف الإيمان به على مجرد ورود السمع أو الوحي به، وليس للعقل في إثباتها أو نفيها مدخل كأشراط الساعة وتفاصيل البعث... والبحث في السمعيات أو مسائل الغيب يكون من حيث اعتقادها وهو يقوم على دعامتين: الإقرار بها مع التصديق ويقابله الجحود والإنكار لها، الإمرار لها مع إثبات معناها ويقابله الخوض في الكنه والحقيقة، ومحاولة التصور والتوهم بالعقل بعيدا عن النقل.
وضابط السمعيات: أن العقل لا يمنعها ولا يحيلها، ولا يقدر على ذلك، ولا يقدر أن يوجبها ولا يحار في ذلك، فمتى ما صح النقل عن الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم فإن الواجب اعتقاد ذلك والإقرار به، ودفع كل تعارض موهوم بين شرع الله وهو الوحي وبين خلقه وهو العقل،... والقاعدة الذهبية هو أنه لا يتعارض وحي صحيح مع عقل صريح عند التحقيق

ومن موضوعات علم العقيدة أيضاً
:

القدر، والأخبار، وأصول الأحكام القطعية، وسائر أصول الدين والاعتقاد، ويتبعه الرد على أهل الأهواء والبدع وسائر الملل والنحل الضالة، والموقف منهم


حكم تعلم علم التوحيد



(ينبغي أن يعلم أن حكم العلم كحكم معلومه، فإن كان المعلوم فرضاً أو سنة فعلمه كذلك، إذا توقف حصول المعلوم على تعلم ذلك العلم) .
وفي الحق أن تعلم علم التوحيد منه ما هو فرض عين، ومنه ما هو فرض كفاية، وهذا شأن العلوم الشرعية عامة
.

قال ابن عبد البر رحمه الله: (أجمع العلماء أن من العلم ما هو فرض متعين على كل امرئ في خاصته بنفسه، ومنه ما هو فرض على الكفاية، إذا قام به قائم سقط فرضه على أهل ذلك الموضع) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وطلب العلم الشرعي فرض على الكفاية إلا فيما يتعين، مثل طلب كل واحد علم ما أمره به وما نهاه عنه، فإن هذا فرض على الأعيان)
.

وإن أعظم ما أمر الله به هو التوحيد، قال تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ [محمد: 19] وقال سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ [الإسراء: 23]، وفي حديث معاذ رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا معاذ، أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً)) وفي حديث معاذ الآخر قال صلى الله عليه وسلم: ((فليكن أول ما تدعوهم إليه: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله)) .


قال الإمام ابن أبي العز رحمه الله: (اعلم أن التوحيد هو أول دعوة الرسل وأول منازل الطريق، وأول مقام يقوم فيه السالك إلى الله عز وجل... ولهذا كان الصحيح أن أول واجب يجب على المكلف شهادة أن لا إله إلا الله، لا النظر ، ولا القصد إلى النظر ، ولا الشك ، فالتوحيد أول ما يدخل به في الإسلام، وآخر ما يخرج به من الدنيا، فهو أول واجب وآخر واجب) .

قال الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله في شرح منظومته :

أول واجب على العبيد

معرفة الرحمن بالتوحيد

إذ هو من كل الأوامر أعظم

وهو نوعان أيا من يفهم

ومما يدل على أنه آخر واجب، حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لقنوا موتاكم لا إله إلا الله)) وفي الصحيح من حديث عثمان رضي الله عنه: ((من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله، دخل الجنة)) .
فتعلم فرض العين من علم التوحيد هو أول الواجبات وأولاها وأفرضها على المكلفين أجمعين.

وفرض العين منه، هو: ما تصح به عقيدة المسلم في ربه، من حيث ما يجوز ويجب ويمتنع في حق الله تعالى، ذاتا وأسماء وأفعالاً وصفات، على وجه الإجمال، وهذا ما يسميه بعض العلماء بالإيمان المجمل أو الإجمالي.
وهو ما يسأل عنه جميع الخلق؛ لما روي عن أنس بن مالك وابن عمر ومجاهد في قوله عز وجل: فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ [الحجر: 92] قالوا: (عن لا إله إلا الله) .
وأما فرض الكفاية من علم التوحيد، فما زاد على ذلك من التفصيل والتدليل والتعليل، وتحصيل القدرة على رد الشبهات وقوادح الأدلة، وإلزام المعاندين وإفحام المخالفين، وهذا ما يسمى بالإيمان التفصيلي، وهو المقدور على إثباته بالأدلة وحل ودفع الشبه الواردة عليه، وهو من أجل فروض الكفايات في علوم الإسلام؛ لأنه ينفي تأويل المبطلين وانتحال الغالين، فلا يجوز أن يخلو الزمان ممن يقوم بهذا الفرض الكفائي المهم، إذ لا شك أن حفظ عقائد الناس أكثر أهمية من حفظ أبدانهم وأموالهم وأعراضهم.
واختصاراً فإن حكم الشارع في تعلم علم التوحيد أنه فرض عين على كل مكلف، من ذكر وأنثى وذلك بالأدلة الإجمالية وأما بالأدلة التفصيلية ففرض على الكفاية. ويشترط للتكليف بالتوحيد أربعة شروط، وهي: العقل، والبلوغ، وسلامة حاستي السمع أو البصر، وبلوغ الدعوة.


عدل سابقا من قبل هدي السلف في الثلاثاء 24 يناير 2012, 17:02 عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
هدي السلف
مشرف مميّز
مشرف مميّز
هدي السلف


عدد المساهمات : 199

نقاط المساهمات : 5043

حصيلة الإعجابات : 19

تاريخ التسجيل : 23/01/2012


المدخل إلى دراسة العقيدة الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: المدخل إلى دراسة العقيدة الإسلامية   المدخل إلى دراسة العقيدة الإسلامية Emptyالثلاثاء 24 يناير 2012, 16:59

فضل علم التوحيد


إذا
كانت العلوم الشرعية كلها فاضلة لتعلقها بالوحي المطهر؛ فإن علم التوحيد
في الذروة من هذا الفضل العميم، حيث حاز الشرف الكامل دون غيره من العلوم،
وذلك يظهر بالنظر إلى جهات ثلاث: موضوعه، ومعلومه، والحاجة إليه
.
فضله من جهة موضوعه: من
المتقرر أن المتعلق يشرف بشرف المتعلق، فالتوحيد يتعلق بأشرف ذات، وأكمل
موصوف، بالله الحي القيوم، المتفرد بصفات الجلال والجمال والكمال، ونعوت
الكبرياء والعزة؛ لذا كان علم التوحيد أشرف العلوم موضوعا ومعلوما، وكيف لا
يكون كذلك وموضوعه رب العالمين، وصفوة خلق الله أجمعين، ومآل العباد إما
إلى جحيم أو إلى نعيم، ولأجل هذا سماه بعض السلف الفقه الأكبر.

وتحقيق التوحيد هو أشرف الأعمال مطلقاً... وسئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أفضل؟ فقال: ((إيمان بالله ورسوله)) .
وهو
موضوع دعوة رسل الله أجمعين، قال الإمام ابن القيم رحمه الله: وجميع الرسل
إنما دعوا إلىإِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة: 5]،
فإنهم كلهم دعوا إلى توحيد الله وإخلاص عبادته من أولهم إلى آخرهم، فقال
نوح لقومه: اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف:
59]، وكذلك قال هود وصالح وشعيب وإبراهيم، قال الله تعالى:وَلَقَدْ
بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ
وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ [النحل: 36] .
والله
سبحانه وتعالى إنما أرسل الرسل وأنزل الكتب لأجل إقامة التوحيد بين
العبيد، قال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ
اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ [النحل: 36]، وله خلق الجن
والإنس، قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ
[الذاريات: 56]، أي: يوحدون..، فأهم ما على العبد معرفته هو التوحيد، وذلك
قبل معرفة العبادات كلها حتى الصلاة.
فضله من جهة معلومه: إن
معلوم علم التوحيد هو مراد الله الشرعي، الدال عليه وحيه وكلامه الجامع
للعقائد الحقة، كالأحكام الاعتقادية المتعلقة بالإيمان بالله تعالى
وملائكته وكتبه ورسله، واليوم الآخر والبعث بعد الموت.
ومراد
الله تعالى يجمع أموراً ثلاثة، وتترتب عليه أمور ثلاثة، فهو يجمع أن الله
تعالى أراده وأحبه فأمر به، ويترتب على كونه أمر به أن يثيب فاعله، ويعاقب
تاركه، وأن ينهي عن مخالفته، لأن الأمر بالشيء نهي عن ضده، فالأمر بالتوحيد
نهي عن الشرك ولابد.
قال تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ
لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ
الإِسْلاَمَ دِينًا [المائدة: 3]، قال عمر رضي الله عنه: ((قد عرفنا ذلك
اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي، وهو قائم بعرفة يوم جمعة)) .
فاجتمع لدى نزولها ثلاثة مناسبات لا تجتمع بعد ذلك أبداً:

عيد وعيد وعيد صرن مجتمعة

وجه الحبيب ويوم العيد والجمعة

فنزلت
في عيد المسلمين الأسبوعي، وهو يوم الجمعة، الذي وافق عيد الحجاج، وهو يوم
عرفة، وهو اليوم الذي حضره النبي صلى الله عليه وسلم مع أمته حاجاً،
واجتمع بهم اجتماعه الأكبر والأخير.
ومعلوم علم التوحيد هو الأحكام الاعتقادية المكتسبة من الأدلة المرضية، من كتاب ناطق وسنة ماضية.
وقطب
رحى القرآن العظيم من فاتحته إلى خاتمته في تقرير معلوم التوحيد. يقول
الشيخ صديق حسن خان رحمه الله: اعلم أن فاتحة الكتاب العزيز التي يكررها كل
مسلم في كل صلاة مرات، ويفتتح بها التالي لكتاب الله والمتعلم له، فيها
الإرشاد إلى إخلاص التوحيد في ثلاثين موضعاً .
والتوحيد
هو فاتحة القرآن العظيم وهو خاتمته، فهو فاتحة القرآن كما في أول سورة
الفاتحة:الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة: 2]، وهو في خاتمة
القرآن العظيم قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس: 1] .
فالقرآن
من فاتحته إلى خاتمته في تقرير التوحيد بأنواعه، أو في بيان حقوق التوحيد
ومقتضياته ومكملاته، أو في البشارة بعاقبة الموحدين في الدنيا والآخرة، أو
في النذارة بعقوبة المشركين والمعاندين في الدارين، ثم إن حياة النبي صلى
الله عليه وسلم ودعوته في بيان القرآن بيانا عمليا تحققت فيها معاني
التوحيد، وحسمت فيه مواد الشرك على الوجه الأتم الأكمل.
قال
شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحقق
هذا التوحيد لأمته ويحسم عنهم مواد الشرك، إذ هذا تحقيق قولنا: لا إله إلا
الله، فإن الإله هو الذي تألهه القلوب لكمال المحبة والتعظيم، والإجلال
والإكرام، والرجاء والخوف .
فضله من جهة الحاجة إليه:

وأما فضل علم التوحيد باعتبار الحاجة إليه، فيظهر ذلك بالنظر إلى جملة أمور، منها:
أن الله تعالى طلبه، وأمر به كل مكلف، وأثنى على أهله، ومدح من توسل به إليه، ووعدهم أجراً عظيماً.
قال
تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ [محمد: 19]، وقال عز من
قائل: وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ
حُنَفَاء [البينة:5].
وقال سبحانه وتعالى: قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا [البقرة: 136].
وقال سبحانه: أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى [الرعد: 19].
وقال
عز وجل:قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ [المؤمنون: 1]، وقال تقدست أسماؤه:
رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ
آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا
وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ إلى قوله:
فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ [آل عمران: 193 – 195].
وقال عز وجل: وَسَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء: 146].

ومنها أن عقيدة التوحيد هي الحق الذي أرسلت من أجله جميع الرسل
.
قال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ [النحل: 36].
وقال
سبحانه: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلا نُوحِي
إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء: 25].
وهي
حق الله على عباده كما في حديث معاذ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: ((حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا)) .
وهي
ملة أبينا إبراهيم عليه السلام التي أمرنا الله باتباعها، قال تعالى:
ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا
وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [النحل: 123]، وهي أيضاً دعوته عليه
السلام، قال تعالى على لسانه:وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ
الأَصْنَامَ [إبراهيم:
35].

ومنها أن الله تعالى جعل الإيمان شرطا لقبول العمل الصالح وانتفاع العبد به في الدنيا والآخرة.

قال
تعالى: فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ
لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ [الأنبياء: 94]. وقال سبحانه: وَمَنْ
أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ
كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا [الإسراء: 19].
فإذا
جاء العبد بغير الإيمان فقد خسر جميع عمله الصالح، قال تعالى: وَلَقَدْ
أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ
لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الزمر: 65].
ومنها
أن سعادة البشرية في الدنيا متوقفة على علم التوحيد، فحاجة العبد إليه فوق
كل حاجة، وضرورته إليه فوق كل ضرورة، فلا راحة ولا طمأنينة ولا سعادة إلا
بأن يعرف العبد ربه بأسمائه وصفاته وأفعاله من جهة صحيحة، صادقة ناصحة، وهي
جهة الوحي
.
قال شيخ
الإسلام ابن تيمية رحمه الله: حاجة العبد إلى الرسالة أعظم بكثير من حاجة
المريض إلى الطب، فإن آخر ما يقدر بعدم الطبيب موت الأبدان، وأما إذا لم
يحصل للعبد نور الرسالة وحياتها، مات قلبه موتا لا ترجى الحياة معه أبدا،
أو شقي شقاوة لا سعادة معها أبدا .
ولهذا سمى الله
تعالى غير الموحد ميتا حقيقة، قال تعالى: فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى
وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ وَمَا أَنتَ
بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ
بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُون [الروم: 52-53].
فمقابلة الموتى بالسامعين تدل على أن الموتى هم المشركون والكافرون، وهذا تفسير جمهور السلف .
وقيل
المراد بالموتى: موتى الأبدان، فنفي السماع يعني نفي الاهتداء، فكما قيل
إن الميت يسمع ولا يمتثل، فهؤلاء الأحياء من الكفار حين يسمعون القرآن
كالموتى حقيقة حين يسمعون فلا يمتثلون ولا ينتفعون.
ومما
يشهد لهذين المعنيين أن الله تعالى سمى ما أنزله على رسوله صلى الله عليه
وسلم روحا لتوقف الحياة الحقيقية عليه، وسماه نورا لتوقف الهداية عليه،
وسماه شفاء لأنه دواء للنفوس من عللها.
قال
شيخ الإسلام رحمه الله: والرسالة روح العالم ونوره وحياته، فأي صلاح
للعالم إذا عدم الروح والحياة والنور، والدنيا مظلمة ملعونة إلا ما طلعت
عليه شمس الرسالة، فكذلك العبد ما لم تشرق في قلبه شمس الرسالة ويناله من
حياتها وروحها، فهو في ظلمة وهو من الأموات.
قال
تعالى: أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا
يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ
بِخَارِجٍ مِّنْهَا [الأنعام: 122]، فهذا وصف المؤمن كان ميتا في ظلمة
الجهل، فأحياه الله بروح الرسالة ونور الإيمان، وجعل له نورا يمشي به في
الناس، وأما الكافر فميت القلب في الظلمات.
وسمى الله
تعالى الرسالة روحا، والروح إذا عدمت فقد فقدت الحياة، قال الله تعالى:
وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي
مَا الْكِتَابُ وَلا الإيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ
مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا [سورة الشورى: 52]
ومن
أعظم فضائله: أن جميع الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة متوقفة في قبولها
وفي كمالها، وفي ترتب الثواب عليها على التوحيد، فكلما قوي التوحيد
والإخلاص لله كملت هذه الأمور وتمت.
ومن فضائله: أنه
يسهل على العبد فعل الخير وترك المنكرات ويسليه عن المصيبات، فالمخلص لله
في إيمانه وتوحيده تخف عليه الطاعات لما يرجو من ثواب ربه ورضوانه، ويهون
عليه ترك ما تهواه النفس من المعاصي، لما يخشى من سخطه وعقابه.
ومنها: أن التوحيد إذا كمل في القلب حبب الله لصاحبه الإيمان وزينه في قلبه، وكره إليه الكفر والفسوق والعصيان، وجعله من الراشدين.
ومنها: أنه يخفف عن العبد المكاره ويهون عليه الآلام.
فبحسب تكميل العبد للتوحيد والإيمان، يتلقى المكاره والآلام بقلب منشرح ونفس مطمئنة وتسليم ورضا بأقدار الله المؤلمة.
ومن أعظم فضائله: أنه يحرر العبد من رق المخلوقين والتعلق بهم وخوفهم ورجائهم والعمل لأجلهم، وهذا هو العز الحقيقي والشرف العالي.
ويكون مع ذلك متألها متعبدا لله، لا يرجو سواه ولا يخشى إلا إياه، ولا ينيب إلا إليه، وبذلك يتم فلاحه ويتحقق نجاحه.
ومن فضائله
التي لا يلحقه فيها شيء: أن التوحيد إذا تم وكمل في القلب وتحقق تحققا
كاملا بالإخلاص التام، فإنه يصير القليل من عمله كثيرا، وتضاعف أعماله
وأقواله بغير حصر ولا حساب، ورجحت كلمة الإخلاص في ميزان العبد بحيث لا
تقابلها السماوات والأرض وعمارها من جميع خلق الله، كما في
حديث
أبي سعيد المذكور في الترجمة، وفي حديث البطاقة التي فيها لا إله إلا الله
التي وزنت تسعة وتسعين سجلا من الذنوب، كل سجل يبلغ مد البصر، وذلك لكمال
إخلاص قائلها، وكم ممن يقولها لا تبلغ هذا المبلغ؛ لأنه لم يكن في قلبه من
التوحيد والإخلاص الكامل مثل ولا قريب مما قام بقلب هذا العبد.
ومن فضائل التوحيد:
أن الله تكفل لأهله بالفتح والنصر في الدنيا، والعز والشرف وحصول الهداية
والتيسير لليسرى وإصلاح الأحوال والتسديد في الأقوال والأفعال.
ومنها:
أن الله يدفع عن الموحدين أهل الإيمان شرور الدنيا والآخرة، ويمن عليهم
بالحياة الطيبة والطمأنينة إليه والطمأنينة بذكره، وشواهد هذه الجمل من
الكتاب والسنة كثيرة معروفة والله أعلم.

واضع علم التوحيد


لاشك أن التوحيد جاءت به الرسل والأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه، وأما علم التوحيد فقد مر في وضعه وتدوينه بطورين:
أولهما: طور الرواية (ما قبل التدوين)، والثاني: طور التدوين والاستقرار.

وهذه لمحة عن كلتا المرحلتين:

أولا: طور الرواية

لم
يكن الرعيل الأول من الصحابة رضي الله عنهم بحاجة إلى التدوين في العلوم
الشرعية، فقد كانوا يتلقون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحيين،
"ويوردون عليه ما يشكل عليهم من الأسئلة والشبهات فيجيبهم عنها بما يثلج
صدورهم، وقد أورد عليه من الأسئلة أعداؤه وأصحابه، أعداؤه للتعنت
والمغالبة، وأصحابه للفهم والبيان وزيادة الإيمان" ، وكل ذلك رواه الصحابة
عن النبي صلى الله عليه وسلم لمن بعدهم، فكانت مسائل الاعتقاد محفوظة في
أذهانهم، مستدلا عليها بكتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، ولم يقع
بينهم اختلاف في شأن العقيدة؛ بل اجتمعوا على عقيدة صحيحة، سالمة نقية
خالية من كل شوب، فكانوا "أقرب إلى أن يوفقوا إلى الصواب من غيرهم بما خصهم
الله به من توقد الأذهان، وفصاحة اللسان، وسعة العلم، وتقوى الرب،
فالعربية طريقتهم وسليقتهم، والمعاني الصحيحة مركوزة في فطرهم وعقولهم..
علموا التنزيل وأسبابه، والتأويل وآدابه، وعاينوا الأنوار القرآنية،
والأشعة المصطفوية، فهم أسعد الأمة بإصابة الصواب، وأجدرها بعلم فقه السنة
والكتاب" .
لأجل هذا لم يكن الصحابة رضي الله عنهم بحاجة إلى تدوين علم التوحيد أو تصنيف كتب فيه.

ثانيا: طور التدوين

وبدأ
هذا في حياة التابعين، وإن وقعت في زمنه صلى الله عليه وسلم صور من
الكتابة والتدوين، حيث ابتدأ ذلك الإمام الزهري رحمه الله تعالى، ثم شاع
ذلك في النصف الأول من القرن الثاني الهجري كما فعل الإمام مالك في الموطأ،
حيث رتبت الأحاديث على أبواب تتعلق بالتوحيد مثل: باب الإيمان، وباب
التوحيد، وباب العلم، الخ..
ولعل هذا التبويب للأحاديث كان النواة الأولى في استقلال كل باب فيما بعد بالتصنيف والبحث
.
ومما
أوقد جذوة التدوين ما وقع في آخر زمن الصحابة من بدع واختلاف في العقيدة،
كما في مسألة القدر، وكان أول من تكلم به معبد الجهني (ت: 80هـ)، ومسألة
التشيع والغلو في آل البيت، وفتنة عبد الله بن سبأ، كما وقعت من قبل بدعة
الخوارج وصرحوا بالتكفير بالذنوب، وبعد ذلك نشأ مذهب المعتزلة على يد واصل
بن عطاء (ت: 131هـ)، وصنف في مسائل من العقيدة ما خالف به الصحابة
والتابعين، وخرج على إجماع خير القرون في الاعتقاد، فتصدى له التابعون
بالرد عليه والمناظرة في هذه المسائل، ثم بدأ التصنيف في عقيدة أهل السنة
حين أصبح ضرورة لابد منها لنفي تأويل المبطلين، ورد انحراف الغالين، وكان
أول مدون عرفناه في العقيدة - على هذا النحو – هو كتاب الفقه الأكبر لأبي
حنيفة رحمه الله (ت: 150هـ)، رواه أبو مطيع الحكم بن عبد الله البلخي، كما
رواه حماد بن أبي حنيفة – وإن قيل إنه من وضع أبي مطيع البلخي – حدد فيه
أبو حنيفة عقائد أهل السنة تحديدا منهجيا ورد فيه على المعتزلة، والقدرية،
والجهمية، والشيعة، واشتمل على خمسة أبواب - في أتم رواياته -: الأول في
القدر، والثاني والثالث في المشيئة، والرابع في الرد على من يكفر بالذنب،
والخامس في الإيمان، وفيه حديث عن الأسماء والصفات، والفطرة، وعصمة
الأنبياء، ومكانة الصحابة، وغير ذلك من مباحث العقيدة.
فلو
قال قائل: إن واضع علم التوحيد – بمعنى أول من وضع مؤلفا خاصا في الفن من
أهل السنة – هو الإمام أبو حنيفة؛ لكان صادقا ولم يبعد عن الصواب، "وإن كان
قد قيل: إن واضعه الإمام مالك بن أنس، وأنه ألف فيه رسالة، وقيل أيضا أنه
لما كثرت الفتن أمر المنصور بوضع كتب لإزالتها والرد عليها" .
كما ثبت أن الإمام ابن وهب رحمه الله (ت: 197هـ) وضع كتابا في القدر على طريقة المحدثين في جمع الأحاديث وإن كان دون تبويب.
ولقد
نسب كتاب بنفس اسم الفقيه الأكبر للإمام الشافعي رحمه الله (ت: 204هـ)،
تناول فيه مسائل الاعتقاد مسألة مسألة، ورد على الفرق المخالفة في ثنايا
كلامه، إلا أن نسبة الكتاب إلى الإمام الشافعي غير موثقة، فقد قال حاجي
خليفة في كشف الظنون: ".. لكن في نسبته إلى الشافعي شك، والظن الغالب أنه
من تأليف بعض أكابر العلماء" .
ثم
تتابع التأليف بعد أبي حنيفة في علم التوحيد ولكن بأسماء مختلفة لهذا
العلم. فمن أول ذلك كتاب الإيمان لأبي عبيد القاسم بن سلام (ت: 224هـ)،
وتبعه على هذا كثيرون إلى يوم الناس هذا، كما ظهر مصطلح السنة للدلالة على
ما يسلم من الاعتقادات، واشتهر ذلك زمن الإمام أحمد رحمه الله، ومن الكتب
المصنفة باسم السنة، كتاب السنة لابن أبي شيبة رحمه الله (ت: 235هـ) والسنة
للإمام أحمد رحمه الله (ت: 240هـ) وغير ذلك، ثم ظهر مصطلح التوحيد في مثل
كتاب التوحيد لابن سريج البغدادي رحمه الله (ت: 306هـ)، وكتاب التوحيد لابن
خزيمة رحمه الله (ت: 311هـ)، وواكب ذلك ظهور مصطلح أصول الدين، ثم ظهر
التأليف باسم العقيدة أوائل القرن الخامس الهجري، واستقرت حركة التصنيف
ومنهج التأليف، واستقل علم التوحيد علما متميزا عن غيره بلقب ومنهج مخصوص.
وأخيرا
فإن فيما سبق بيانه رد على من زعم – من الأشاعرة والماتريدية – أن واضعي
علم التوحيد هما: أبو الحسن الأشعري (ت: 324هـ)، وأبو منصور الماتريدي (ت:
333هـ)، حيث سبقا بتآليف كثيرة كتبت على منهج أهل الحديث، أهل السنة
والجماعة.

فوائد التوحيد

التوحيد له فضائل عظيمة، وآثار حميدة، ونتائج جميلة، ومن ذلك ما يأتي:
- خير الدنيا والآخرة من فضائل التوحيد وثمراته.

- التوحيد هو السبب الأعظم لتفريج كربات الدنيا والآخرة، يدفع الله به العقوبات في الدارين، ويبسط به النعم والخيرات.
- التوحيد الخالص يثمر الأمن التام في الدنيا والآخرة،
قال الله عز وجل: الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم
بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ [الأنعام: 82].
- يحصل لصاحبه الهدى الكامل، والتوفيق لكل أجر وغنيمة.
- يغفر الله بالتوحيد الذنوب ويكفر به السيئات،
ففي الحديث القدسي عن أنس رضي الله عنه يرفعه: ((يا ابن آدم إنك لو أتيتني
بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة))
- يدخل الله به الجنة،
فعن عبادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((من
شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى
عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق، وأن
النار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل)) ، وفي حديث جابر بن عبد
الله رضي الله عنهما عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: ((من مات لا
يشرك بالله شيئًا دخل الجنة)) .
- التوحيد يمنع دخول النار بالكلية إذا كمل في القلب،
ففي حديث عتبان رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((... فإن
الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله)) .
- يمنع الخلود في النار إذا كان في القلب منه أدنى حبة من خردل من إيمان .
- التوحيد هو السبب الأعظم في نيل رضا الله وثوابه، وأسعد الناس بشفاعة محمد صلّى الله عليه وسلّم: ((من قال لا إله إلا الله خالصًا من قلبه أو نفسه)) .
-
جميع الأعمال، والأقوال الظاهرة والباطنة متوقفة في قبولها وفي كمالها،
وفي ترتيب الثواب عليها على التوحيد، فكلما قوي التوحيد والإخلاص لله كملت
هذه الأمور وتمت.
-
يُسَهِّل على العبد فعل الخيرات، وترك المنكرات، ويسلِّيه عن المصائب،
فالموحد المخلص لله في توحيده تخف عليه الطاعات؛ لِمَا يرجو من ثواب ربه
ورضوانه، ويهوِّن عليه ترك ما تهواه النفس من المعاصي؛ لِمَا يخشى من سخط
الله وعقابه.
- التوحيد إذا كمل في القلب حبب الله لصاحبه الإيمان وزينه في قلبه، وكرَّه إليه الكفر والفسوق والعصيان، وجعله من الراشدين.
-
التوحيد يخفف عن العبد المكاره، ويهوِّن عليه الآلام، فبحسب كمال التوحيد
في قلب العبد يتلقى المكاره والآلام بقلب منشرح ونفس مطمئنة، وتسليمٍ ورضًا
بأقدار الله المؤلمة، وهو من أعظم أسباب انشراح الصدر.
- يحرِّر
العبد من رِقّ المخلوقين والتعلُّقِ بهم، وخوفهم ورجائهم، والعمل لأجلهم،
وهذا هو العزُّ الحقيقي، والشرف العالي، ويكون مع ذلك متعبدًا لله لا يرجو
سواه، ولا يخشى إلا إيَّاه، وبذلك يتمُّ فلاحه، ويتحقق نجاحه.
- التوحيد
إذا كمل في القلب، وتحقَّق تحققًا كاملاً بالإخلاص التام فإنه يصير القليل
من عمل العبد كثيرًا، وتضاعف أعماله وأقواله الطيبة بغير حصر، ولا حساب.
-
تكفَّل الله لأهل التوحيد بالفتح، والنصر في الدنيا، والعز والشرف، وحصول
الهداية، والتيسير لليسرى، وإصلاح الأحوال، والتسديد في الأقوال والأفعال.
- الله عز وجل يدافع عن الموحدين أهل الإيمان شرور الدنيا والآخرة، ويمنُّ عليهم بالحياة الطيبة، والطمأنينة إليه، والأُنس بذكره.
قال العلامة السعدي رحمه الله: (وشواهد هذه الجمل من الكتاب والسنة كثيرة معروفة، والله أعلم) .
وقال
ابن تيمية رحمه الله: (وليس للقلوب سرور ولذة تامة إلا في محبة الله
تعالى، والتقرب إليه بما يحبه، ولا تتم محبة الله إلا بالإعراض عن كل محبوب
سواه، وهذا حقيقة لا إله إلا الله)
-
أنه أكبر دعامة للرغبة في الطاعة؛ لأن الموحد يعمل لله سبحانه وتعالى؛
وعليه، فهو يعمل سراً وعلانية، أما غير الموحد؛ كالمرائي مثلاً، فإنه يتصدق
ويصلي، ويذكر الله إذا كان عنده من يراه فقط، ولهذا قال بعض السلف: إني
لأود أن أتقرب إلى الله بطاعة لا يعلمها إلا هو.
-
أن الموحدين لهم الأمن وهم مهتدون؛ كما قال تعالى: الَّذِينَ آمَنُواْ
وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم
مُّهْتَدُونَ [الأنعام: 82].
ومن أجل فوائده – أي: التوحيد - أنه يمنع الخلود في النار.
إذا كان في القلب منه أدنى مثقال حبة خردل. وأنه إذا كمل في القلب يمنع دخول النار بالكلية.
ومنها: أنه يحصل لصاحبه الهدى الكامل والأمن التام في الدنيا والآخرة
ومنها:
أنه السبب الوحيد لنيل رضا الله وثوابه، وأن أسعد الناس بشفاعة محمد صلى
الله عليه وسلم من قال: لا إله إلا الله خالصا من قلبه.

الغاية المطلوبة من دراسته


1- الخروج من ربقة التقليد إلى الاستدلال فيكون المسلم من مسلمة الاختيار الذي اعتنق ما يعلمه ويدركه فآمن عن قناعة وتسليم.
2- الدفاع عن الإسلام وعقيدته برد الشبهة وإثبات الحق.
3- تصحيح التصورات الخاطئة حول الله والكون والحياة وعلاقة كل منهما بالآخر.


مسائل علم التوحيد


هي قضايا كلية تبحث فيه تكون مما يدخل في نطاق العقيدة فهو علم كلي ولذا يقال علم أصول الدين
وتتضمن
معرفة الأحكام الشرعية العقدية كأحكام الألوهية، وعصمة الرسل، وقضايا
اليوم الآخر ونحو ذلك، وقد عنيت كتب العقائد به أعظم عناية، وكتبت في
تحريره وتقريبه – على منهج السلف الصالح أهل السنة والجماعة – مطولات
ومختصرات، ومنظومات ومنثورات من زمن السلف وإلى يوم الناس هذا.

وجوب التزام العقيدة الصحيحة



العقيدة
الصحيحة هي العقيدة المدلول عليها بألفاظ الكتاب والسنة ونحن ملزمون
باتباع ألفاظها ومعانيها، وبناء على ذلك يجب التزام العقيدة الصحيحة – ولا
يقال إن الكتاب والسنة قد يختلف في دلالتهما في العقائد وغيرها لأننا نقول
إنه لابد من مدلول حق لهما، وهذا المدلول كان له جيل قد طبقه فهو منهج عملي
ظهرت آثاره وبانت فوائده مما يدل على أنه ثابت في واقع الأمر وحقيقته،
فيجب التماسه من خلال البيان النبوي لذلك، والبيان الأثري من الصحابة رضي
الله عنهم. وفرض دلالة مختلف فيها هو فرض حق لا يعرف، ومآل هذا الفرض إبطال
دلالة النصوص، ومن ثم إبطال الشرع إذ مضمونه أن الحق الذي أنزل به القرآن
الكريم وأرسل به الرسول صلى الله عليه وسلم ليس بينا ولا واضحا، ولازم ذلك
أن الرسول صلى الله عليه وسلم ترك الناس على الضلالة ولم يبلغهم ما أنزل
إليهم من ربهم، وأن أصحابه لم يكن لهم في واقع الأمر عقيدة، وكل هذه
اللوازم باطلة إذ ما يلزم منه الباطل فهو باطل. فظهر بهذا أن هناك حقا في
باب العقيدة يجب أن يلتزم وهناك دلالة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله
عليه وسلم لا محالة، وأن هذه العقيدة التي توصف بالصحة ووجوب الالتزام، هي
ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتابعوهم وتابع تابعيهم
إلى يوم الدين، كما قال سبحانه: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ
الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ
رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ
تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ [التوبة: 100].

ويمكن بعد هذا حصر موجبات التزام العقيدة الصحيحة فيما يلي:

أولاً: أنها مما أمر الله باتباعه كما
قال تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ
الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ
دِينُ الْقَيِّمَةِ [البينة: 5] وقال سبحانه: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ
تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا [النساء: 36].
ثانياً: أنها مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم كما قال سبحانه:
وَمَا
آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا
وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الحشر: 7].
ثالثاً: استحلال قتال من لم يقبلها كما قال صلى الله عليه وسلم: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله...)) الحديث.
رابعاً: لأنها الحق الذي أرسلت من أجلها الرسل، وأنزلت الكتب،
كما قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلا نُوحِي
إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء: 25].
خامساً: لأن الرسل جميعا أرسلوا بها، كما قال سبحانه: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ [النحل: 36].
سادسا: لأنها الغاية من خلق الجن والإنس، كما قال سبحانه: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات: 56].
سابعا: لأنها متعلق سعادة الخلق في الدنيا والآخرة كما
قال صلى الله عليه وسلم: ((أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله
إلا الله خالصا من نفسه)) وقال صلى الله عليه وسلم: ((لكل نبي دعوة
مستجابة فتعجل كل نبي دعوته وأخرت دعوتي شفاعة لأمتي فهي نائلة إن شاء الله
من مات لا يشرك بالله شيئا)) .
ثامنا: لأنها دين الله الذي ارتضاه لعباده... قال
تعالى: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ
تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ
وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الأنعام: 153].
تاسعاً: أنها حق الله الذي أوجبه على عباده كما قال صلى الله عليه وسلم: ((حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا)) .
عاشرا: لأنها طريق النجاة من النار... قال صلى الله عليه وسلم: ((فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله))
الحادي عشر: لأنها أول ما يجب الدعوة إليه. كما قال صلى الله عليه وسلم: ((فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله)) وفي رواية: ((إلى أن يوحدوا الله)) .
الثاني عشر: لأنها ملة إبراهيم التي أمرنا باتباعها، كما
قال سبحانه: ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ
إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [النحل: 123] وقد
فسر الله مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ بقوله: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ
وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ إِلا الَّذِي فَطَرَنِي
فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ [الزخرف: 26، 27]، وقال عز وجل: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ
كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
[النحل: 120].
الثالث عشر: أن من التزمها حرم ماله ودمه، كما قال صلى الله عليه وسلم: ((من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل)) .
الرابع عشر: لأنها مما حكم الله وقضى باتباعه، وما حكم به وقضاه فهو واجب الاتباع، كما قال سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ [الإسراء: 23].
الخامس عشر: أن الله حرم مخالفتها، كما قال تعالى: قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا [الأنعام: 151]الآية.
السادس عشر: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالبراءة من ضدها، كما قال تعالى: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ [الكافرون: 1، 2].
السابع عشر: امتداحه سبحانه للمؤمنين بالتزامها وترك ضدها، كما قال سبحانه: وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ [المؤمنون: 59].
الثامنة
عشر: لأنها دعوة إبراهيم عليه السلام، كما قال تعالى عنه: وَإِذْ قَالَ
إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ
أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ [إبراهيم: 35].
>
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حياتي لله
مــديــرة الــمــنــتــدى
مــديــرة الــمــنــتــدى
حياتي لله


عدد المساهمات : 535

نقاط المساهمات : 5839

حصيلة الإعجابات : 20

تاريخ التسجيل : 23/01/2012

قـائـمـة الأوسـمـة : ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المدخل إلى دراسة العقيدة الإسلامية We3310


المدخل إلى دراسة العقيدة الإسلامية Cyrnx110

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المدخل إلى دراسة العقيدة الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: المدخل إلى دراسة العقيدة الإسلامية   المدخل إلى دراسة العقيدة الإسلامية Emptyالثلاثاء 24 يناير 2012, 22:05

جزاك الله خيرا اخي الكريم. و أحسن إليك.

و الله لقد سررت كثيرا أن يكون هذا أول ما تبدأ به في هذا القسم لأهميته الكبرى
قبل أي شيئ أخر. فإذا صحّ فهمنا للعقيدة الصحيحة صلُح بعده كل شيئ في عباداتنا.
ولقد كنت أفكر فيه كثيرا هذا الموضوع.و لكنني فضَّلت أن أترك المهمة لمن هو أعلم مني بذلك. فقط أريد منك ان تراجعه من حين لأخر لتنقيحه أكثر.

بارك الله فيك. و نفع بك.



المدخل إلى دراسة العقيدة الإسلامية File
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المدخل إلى دراسة العقيدة الإسلامية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» منظومة منهج الحق(منظومة في العقيدة والأخلاق) للعلامة الشيخ عبدالرحمن السعدي
» العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام إبن تيمية
» كتاب العقيدة الواسطية لإبن تيمية
»  مظاهر ضعف العقيدة في عصرنا الحاضر , وطرق علاجها
» مكتبة مشكاة الإسلامية: موقع مفيد لتحميل الكتب.

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المنتدى الإسلامي :: العقيدة الاسلاميه-
انتقل الى: